كتاب: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام



الثاني: العموم يدخل فيه المسلم والكافر وللمالكية تصرف في ذلك فإن كان الشريكان والعبد كفارا لم يلزموا بالتقويم وإن كانا مسلمين والعبد كافرا فالتقويم وإن كان أحدهما مسلما والآخر كافرا فإن أعتق المسلم كمل عليه كان العبد مسلما أو ذميا وإن أعتق الكافر فقد اختلفوا في التقويم على ثلاثة مذاهب: الإثبات والنفي والفرق بين أن يكون العبد مسلما فيلزم التقويم وبين أن يكون ذميا فلا يلزم وإن كانا كافرين والعبد مسلما فالروايتان وللحنابلة أيضا وجهان فيما إذا أعتق الكافر نصيبه من مسلم وهو موسر هل يسري إلى باقيه؟.
وهذا التفصيل الذي ذكرناه يقتضي تخصيص صور من هذه العمومات أحدها: إذا كان الجميع كافرا وسببه ما دل عندهم على عدم التعرض للكفار في خصوص الأحكام الفرعية وثانيها: إذا كان المعتق هو الكافر على مذهب من يرى أن لا تقويم أو لا تقويم إذا كان العبد كافرا.
فأما الأول: فيرى أن المحكوم عليه بالتقويم هو الكافر ولا إلزام له بأحكام فروع الإسلام.
وأما الثاني: فيرى أن التقويم إذا كان العبد مسلما لتعلق حق العتق بالمسلم وثالثها: إذا كانا كافرين والعبد مسلما على قول وسببه ما ذكرناه من تعلق حق المسلم بالعتق.
واعلم أن هذه التخصيصات إن أخذت من قاعدة كلية لا مستند فيها إلى نص معين فتحتاج إلى الاتفاق عليها وإثبات تلك القاعدة بدليل وإن استندت إلى نص معين فلابد إلى النظر في دلالته مع دلالة هذا العموم ووجه الجمع بينهما أو التعارض.
الثالث: إذا أعتق أحدهما نصيبه ونصيب شريكه مرهون ففي السراية إلى نصيب الشريك اختلاف لأصحاب الشافعي وظاهر العموم يقتضي التسوية بين المرهون وغيره ولكنه ظاهر ليس بالشديد القوة لأنه خارج عن المعنى المقصود بالكلام لأن المقصود إثبات السراية إلى نصيب الشريك على المعتق من حيث هو كذلك لا مع قيام المانع.
فالمخالف لظاهر العموم يدعي قيام المانع من السراية وهو إبطال حق المرتهن ويقويه بأن تناول اللفظ لصور قيام المانع غير قوي لأنه غير المقصود.
والموافق لظاهر العموم يلغي هذا المعنى بان العتق قد قوي على إبطال حق المالك في العين بالرجوع إلى القيمة فلأن يقوى على إبطال حق المرتهن كذلك أولى وإذا ألغي المانع عمل اللفظ العام عمله.
الرابع: كاتبا عبدا ثم أعتق أحدهما نصيبه فيه من البحث ما قدمناه من أمر العموم والتخصيص بحالة عدم المانع والمانع هاهنا صيانة الكتابة عن الإبطال وهاهنا زيادة أمر آخر وهو أن يكون لفظ العبد عند الإطلاق متناولا للمكاتب ولا يكتفي في هذا بثبوت أحكام الرق عليه لأن ثبوت تلك الأحكام لا يلزم منه تناول لفظ العبد لأنه عند الإطلاق متناول للمكاتب ولا يكتفي في هذا بثبوت أحكام الرق عليه لأن ثبوت تلك الأحكام لا يلزم منه تناول لفظ العبد له عند الإطلاق فإن ذلك حكم لفظي يؤخذ من غلية استعمال اللفظ وقد لا يغلب الاستعمال وتكون أحكام الرق ثابتة وهذا المقام إنما هو إدراج هذا الشخص تحت هذا اللفظ وتناول اللفظ له أقرب.
الخامس: إذا أعتق نصيبه ونصيب شريكه مدبر فيه ما تقدم من البحث وتناول اللفظ هاهنا أقوى من المكاتبة ولهذا كان الأصح من قولي الشافعي عند أصحابه: أنه يقوم عليه نصيب الشريك والمانع هاهنا إبطال حق الشريك من قربة مهد سبيلها.
السادس: أعتق نصيبه من جارية ثبت الاستبلاد في نصيب شريكه منها فالمانع من إعمال العموم هاهنا أقوى مما تقدم لأن السراية تتضمن نقل الملك وأم الولد لا تقبل نقل الملك من ملك إلى ملك عند من يمنع من بيعها وهذا أصح وجهي الشافعية ومن يجري على العموم يلغي.
هذا المانع بأن الإعتاق وسرايته كالإتلاف وإتلاف أم الولد يوجب القيمة ويكون التقويم سبيله سبيل غرامة المتلفات وذلك يقتضي بصدور أمر يجعله إتلافا.
السابع: العموم يقتضي أن لا فرق بين عتق مأذون فيه وغير مأذون وفرق الحنفية بين الإعتاق المأذون فيه وغير المأذون فيه وقالوا: لا ضمان في إعتاق المأذون فيه كما لو قال لشريكه: أعتق نصيبك.
الثامن: قوله عليه السلام: «أعتق» يقتضي صدور العتق منه واختياره له فيثبت الحكم حيث كان مختارا وينتفي حيث لا اختيار إما من حيث المفهوم وإما لأن السراية على خلاف القياس فتختص بمورد النص وإما لإبداء معنى مناسب يقتضي التخصيص بالاختيار وهو أن التقويم سبيله سبيل غراما المتلفات وذلك يقتضي التخصيص بصدور أمر يجعل إتلافا.
وههنا ثلاث مراتب: مرتبة لا إشكال في وقع الاختيار فيها ومرتبة لا إشكال في عدم الاختيار فيها ومرتبة مترددة بينهما.
أما المرتبة الأولى: فإصدار الصيغة المقتضية للعتق بنفسها ولا شك في دخولها في مدلول الحديث.
وأما المرتبة الثانية: فمثالها: ما إذا ورث بعض قريبه فعتق عليه ذلك البعض فلا سراية ولا تقويم عند الشافعية ونص عليه أيضا بعض مصنفي متأخري المالكية والحنفية لعدم الاختيار في العتق وسببه معا وعن أحمد رواية: أنه يعتق عليه نصيب الشريك إذا كان موسرا ومن أمثلته أن يعجز المكاتب نفسه بعد أن اشترى شقصا يعتق على سيده فإن الملك والعتق يحصل بغير اختيار السيد فهو كالإرث.
وأما المرتبة الثالثة الوسطى: فهي ما إذا وجد سبب العتق باختياره وهذا أيضا يختلف رتبه فمنه ما يقوى فيه تنزيل مباشرة السبب منزلة مباشرة المسبب كقوله لبعض قريبه في بيع أو هبة أو وصية وقد نزله الشافعية منزلة المباشر وقد نص عليه أيضا بعض المالكية في الشراء والهبة وينبغي أن يكون من ذلك تمثيله بعبده وعند من يرى العتق بالمثلة وهو مالك وأحمد ومنه ما يضعف عن هذا وهو تعجيز السيد المكاتب بعد أن اشترى شقصا ممن يعتق على سيده فانتقل إليه الملك بالتعجيز الذي هو سبب العتق فإنه لما اختاره كان كاختياره لسبب العتق بالشراء وغيره وفيه اختلاف لأصحاب الشافعي.
ووجه ضعف هذا عن الأول أنه لم يقصد التملك وإنما قصد التعجيز وقد حصل الملك فيه ضمنا إلا أن هذا ضعيف والأول أقوى.
التاسع: الحديث يقتضي الاختيار في العتق وقد نزلوا منزلته الاختيار في سبب العتق على الوجه الذي قدمناه ولا يدخل تحته اختيار ما يوجب الحكم عليه بالعتق ففرق بين اختياره ما يوجب العتق في نفس الأمر وبين اختياره ما يوجبه ظاهرا.
فعلى هذا إذا قال أحد الشريكين لصاحبه: قد أعتقت نصيبك- وهما معسران عند هذا القول- ثم اشترى أحدهما نصيب صاحبه فإنه يحكم بعتق النصيب المشترى ومؤاخذة للمشتري بإقراره وهل يسري إلى نصيبه؟ مقتضى ما قررناه أن لا يسري لأنه لم يختر ما يوجب العتق في نفس الأمر وإنما اختار ما يوجب الحكم به ظاهرا.
وقال بعض الفقهاء من الحنابلة: يعتق جميعه وهو ضعيف.
العاشر: الظاهر أن المراد بالعتق عتق التنجيز وأجرى الفقهاء مجراه التعليق بالصفة مع وجود الصفة وأما العتق إلى أجل فاختلف المالكية فيه فالمنقول عن مالك وابن القاسم: أنه يقوم عليه الآن فيعتق إلى أجل وقال سحنون إن شاء المتمسك قوم الساعة فكان جميعه حرا إلى سنة مثلا وإن شاء تماسك وليس له بيعة قبل السنة إلا من شريكه وإذا تمت السنة قوم على مبتدئ العتق عند التقويم.
الحادي عشر: الشرك في الأصل هو مصدر لا يقبل العتق وأطلق على متعلقه وهو المشترك ومع هذا لابد من إضمار تقديره: (جزء مشترك) أو ما يقارب ذلك لأن المشترك في الحقيقة هو جملة العين أو الجزء المعين منها إذا أفرد بالتعيين كاليد والرجل مثلا أما النصيب المشاع فلا اشتراك فيه.
الثاني عشر: يقتضي الحديث أن لا يفرق في الجزء المعتق بين القليل والكثير لأجل التنكير الواقع في سياق الشرط.
الثالث عشر: إذا أعتق عضوا معينا- كاليد والرجل- اقتضى الحديث ثيوت الحكم المذكور فيه وخلاف أبي حنيفة في الطلاق جار هنا وتناول اللفظ لهذه الصورة أقوى منتناوله للجزء المشاع على ما قررناه لأن الجزء الذي أفرد بالعتق مشترك حقيقة.
الرابع عشر: يقتضي أن يكون المعتق جزءا من المشترك فيتصدى النظر فيما إذا أعتق الجنين: هل يسري إلى الأم؟.
الخامس عشر: قوله صلى الله عليه وسلم: «له» يقتضي أن يكون العتق منه مصادفا لنصيبه كقوله: أعتقت نصيبي من هذا العبد فعلى هذا لو قال: أعتقت نصيب شريكي: لم يؤثر في نصيبه ولا في نصيب الشريك على المذهبين فلو قال للعبد الذي يملك نصفه نصفك حر أو أعتقت نصفك فهل يحمل على النصف المختص به أو يحمل على النصف شائعا؟ فيه اختلاف لأصحاب الشافعي وعلى كل حال: فقد عتق: إما كل نصيبه أو بعضه فهو داخل تحت الحديث.
السادس عشر: هذه الرواية تقتضي ثبوت هذا الحكم في العبد والأمة مثله وهو بالنسبة إلى هذا اللفظ قياس في معنى الأصل الذي لا ينبغي أن ننكره منصف غير أنه قد ورد ما يقتضي دخول الأمة في اللفظ فإنهم اختلفوا في الرواية فقال القعنبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما في مملوك وكذلك جاء في رواية أيوب عن نافع وأما عبيد الله عن نافع فاختلفوا عليه ففي رواية أسامة وابن نمير عنه في مملوك كما في رواية القعنبي عن مالك وفي رواية بشر بن المفضل عن عبيد الله في عبد وفي بعض هذه الروايات عموم وجاء ما هو أقوى من ذلك في رواية موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أنه كان يرى في العبد والأمة يكون بين الشركاء فيعتق أحدهما نصيبه منه يقول: قد وجب عليه عتقه كله وفي آخر الحديث يخبر بذلك ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك جاء في رواية صخر بن جويرية عن نافع بذكر العبد والأمة قريبا مما ذكرناه في رواية موسى وفي آخره رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
السابع عشر: قوله صلى الله عليه وسلم: «وكان له مال» إن كان بالفاء «فكان له مال» اقتضى ذلك أن يكون اليسار معتبرا في وقت العتق وإن كان بالواو وكان احتمل أن يكون للحال فيكون الأمر كذلك.
الثامن عشر: قوله صلى الله عليه وسلم: «له مال» يخرج عنه من لا مال له وبه قال الشافعية: فيما إذا أوصى أحد الشريكين بإعتاق نصيبه بعد موت فأعتق بعد موته فلا سراية وإن خرج كله من الثلث لأن المال ينتقل بالموت إلى الوارث ويبقى الميت لا مال له ولا يقوم على من لا يملك شيئا وقت نفوذ العتق في نصيبه وكذلك لو كان يملك كل العبد فأوصى بعتق جزء منه فأعتق منه لم يسر وكذلك لو دبر أحد الشريكين نصيبه فقال: إذا مت فنصيبي منك حر وكل هذا جار على ما ذكرناه عند من قال به وظاهر المذهب عند المالكية فيمن قال: إذا مت فنصيبي منك حر أنه لا يسري وقيل إنه يقوم في ثلثه وجعله موسرا بعد الموت.
التاسع عشر: أطلق الثمن في هذه الرواية والمراد القيمة فإن الثمن ما اشتريت به العين وإنما يلزم بالقيمة لا بالثمن وقد تبين المراد في رواية بشر بن المفضل عن عبيد الله: (ما يبلغ ثمنه يقوم عليه قيمة عدل) وفي رواية عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه: (أيما عبد كان بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه فإن كان موسرا فإنه يقوم عليه بأعلى القيمة) أو قال: قيمة (ولا وكس ولا شطط) وفي رواية أيوب: «من كان له من المال ما يبلغ ثمنه بقيمة العدل» وفي رواية موسى: «يقام وماله قيمة العدل» وفي هذا ما يبين أن المراد بالثمن القيمة.
العشرون: قوله صلى الله عليه وسلم: «ما يبلغ ثمن العبد» يقتضي تعليق الحكم في مال يبلغ ثمن العبد فإذا كان المال لا يبلغ كمال القيمة ولكن قيمة بعض النصيب ففي السراية وجهان لأصحاب.
الشافعي فيمكن أن يستدل به من لا يرى السراية بمفهوم هذا اللفظ ويؤيده بأن في السراية تبعيضا لملك الشريك عليه والأصح عندهم السراية إلى القدر الذي هو موسر به تحصيلا للحرية بقدر الإمكان والمفهوم في مثل هذا ضعيف.
الحادي والعشرون: إذا ملك يبلغ كمال القيمة إلا أن عليه دينا يساوي ذل أو يزيد عليه فهل يثبت الحكم في السراية والتقويم؟ فيه الخلاف الذي في منع الدين الزكاة ووجه الشبه بينهما اشتراكهما في كونهما حقا لله مع أن فيهما حقا للآدمي ويمكن أن يستدل بالحديث من لا يرى الدين مانعا هاهنا أخذا بالظاهر ومن يرى الدين مانعا: يخصص هذه الصورة بالمانع الذي يقيمه فيها خصمه والمالكية على أصلهم في أن من عليه دين بقدر ماله فهو معسر.
والثاني والعشرون: يقتضي الخبر أنه مهما كان للمعتق ما يفي بقيمة نصيب شريكه فيقوم عليه وإن لم يملك غيره هذا الظاهر والشافعية أخرجوا قوت يومه وقوت من تلزمه نفقته ودست ثوب وسكنى يوم والمالكية اختلفوا فقيل: باعتبار قوت الأيام وكسوة ظهره كما في الديون التي عليه ويباع منزله الذي يسكن فيه وشوار بيته وقال أشهب منهم: إنما يترك له ما يواريه لصلاته.